صحافة الذكاء الاصطناعي – آفاق جديدة في الأعلام 


أن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لها تأثيرها الواضح على البشرية بجانبيها السلبي والذي لربما يتصور البعض بأنه عدو شرس للبشرية، والإيجابي الذي يعده الخبراء جانبًا مشرقًا من خلال نموه على أرض الواقع، كونه أصبح في الآونة الأخيرة أداة رئيسية للتغلغل والتداخل في كل القطاعات الحياتية، ومنها (الصحافة) وسنتعرف عن ما هية الذكاء الاصطناعي ودوره في الصحافة ومدى تأثيره عليها.

صحافة الذكاء الاصطناعي - آفاق جديدة في الأعلام 

صحافة الذكاء الاصطناعي

بدايةً أن الذكاء الاصطناعي (artificial intelligence) يشير إلى الآلات التي تُحاكي الذكاء البشري من أجل تأدية المهام، وقدرة هذه الآلات أو الأجهزة على تطوير وتحسين نفسها آليًا استنادًا إلى المعلومات التي تعمل على جمعها.

إن مفهوم صحافة الذكاء الاصطناعي Ai Journalism هي الإمكانيات المتطورة التي أتاحتها التقنيات من الرؤية الحاسوبية، والتعلم الآلي، ومعالجة اللغة الطبيعية، وغيرها.

كانت بدايات توظيف الذكاء الاصطناعي في عالم الصحافة والإعلام عام 2010. حيث قامت شركة Narrative Science بتطوير برنامج جديد مهمتهُ كتابة التقارير الصحفية تمامًا كما يقوم بكتابتها الأنسان، وقد استخدمت عدة مجلات وجرائد وحتى الشبكات الإذاعية والتليفزيونية هذا البرنامج.

وقد تم توظيف صحافة الذكاء الاصطناعي في مؤسسات صحفية عديدة أبرزها وكالة الأنباء النرويجية، وخدمة BBC الإذاعية والتلفزيونية، وأيضًا وكالة رويترز Reuters، وموقع بازفيد BuzzFeed، وغيرها من المؤسسات الصحفية التاريخية.

مزايا صحافة الذكاء الاصطناعي

أن توظيف صحافة الذكاء الاصطناعي في مؤسسات الصحافة والإعلام يوفر العديد من المزايا منها:

  1. دعم للعديد من المهمات الصحفية اليومية من خلال إشعارات تنبيه للأحداث، وجدولة آلية للمحتوى، إضافة لتوليد القصص أو المقالات الصحفية الإخبارية كخوارزمية توليد اللغة الطبيعية GPT-3، وهذه الأخيرة استعانت بها صحيفة الغارديان The Guardian البريطانية تعاونًا مع شركة Open Al؛ لكتابة مقال إخباري مفاده أقناع البشر بأن الروبوتات رمز للسلام، وقد نجحت الخوارزمية GPT-3 بتحليل 45 تيرابايت من البيانات، و 175 مليار معلمة، وبذلك فأنها فتحت آفاقًا جديدةً لتوليد روايات ذات عمق أكبر وأكثر من خلال الخوارزميات الذكية لتوليد اللغة التقليدية.
  2. بإمكان تقنيات الذكاء الاصطناعي تنفيذ العديد من الإجراءات المعقدة بناءً على الكميات الهائلة من البيانات، إضافة إلى توسيع التغطية الإعلامية في بعض المناطق التي لا يستطيع الصحفيون الوصول إليها كمناطق الحروب، بالإضافة إلى تحسين جودة التغطية الإخبارية في وقتنا الحالي كتقديم أخبار صحية حول وباء 19-COVID حاليًا.
  3. بإمكان تقنيات الذكاء الاصطناعي العمل على تزويد الجمهور بالمحتوى الإخباري حسب الاهتمامات والتفضيلات، وهذا يتم استنادًا لخوارزمية البحث وغيرها.
  4. زيادة جودة العمليات الصحفية ومساعدة الصحفيين في إداء المهام اليومية لتقليل النفقات، حيث تساعد أنظمة الذكاء الاصطناعي في تقليل الأخطاء المطبعية وتوفير 20% من الوقت للصحفيين.
  5. قدرة أنظمة صحافة الذكاء الاصطناعي على إنشاء وتدوين أخبار وهمية وهذا يسهم أحيانًا في اكتشاف الأخبار، حيث يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي التحقق من صحة المعلومات الواردة والصور ومقاطع الفيديو من خلال تحليل البيانات الوصفية ومقارنتها مع بنوك البيانات في الوقت ذاته. وأنظمة الذكاء الاصطناعي لها القدرة على الكشف عن المصادر الحقيقة للأخبار من تلك التي تكون مصطنعة أو غير حقيقية.
  6. لها القدرة على ضبط المحتوى وتعليقات المستخدم وأيضًا التحقق من تعليقات القراء فقد تكون التعليقات التي يقوم بأنشائها الصحفيون أو المستخدمون قد تكون مزيفة وبهذا فأن روبوتات البرامج الآلية تساهم بإنشاء تعليقات ولكن وهمية لتكبير القصص المزيفة بشيءٍ من الواقع من خلال مشاركة الوسائط الاجتماعية.
  7. بإمكان أنظمة الذكاء الاصطناعي مساعدة الصحافة والوسائل الإعلامية لمضاعفة أرباحها؛ وذلك من خلال قدرتها على تمييز القارئ وقدرته على التسجيل في اشتراك مدفوع شهريًا أو سنويًا على منصتها الإلكترونية وإشعاره بإعلانات صممت خصيصًا لاهتماماته من أجل الدفع والاشتراك مجددًا.
  8. بإمكان أنظمة الذكاء الاصطناعي دعم الصحف الإقليمية والمحلية وحتى المشروعات الصغيرة.
  9. القدرة على استبدال مقدمي الأخبار بروبوتات ذكية تقدم نشرات إخبارية على شاشات التليفزيون كالروبوت إريكا لها القدرة على قراءة نشرات الأخبار في اليابان، وفي عام 2015 أطلقت ميكروسوفت أول روبوت تليفزيوني Xiaoice قدم أخبارًا صباحية في الصين. إضافة لروبوتات الدردشة من أجل التفاعل والمشاركة وقدرتها على الحوار الفعلي مع البشر كالروبوت أليكسا فهي تملك صوت أخباري مميز.
  10. قدرة أنظمة الذكاء الاصطناعي على دعم أنظمة الكوادر الصحفية الإدارية والتحريرية، إضافة إلى اختبار قدراتها وتقييم أداء العاملين فيها من حيث الإنتاج والعمل وهذا ما يعرف بالكفاءة والفاعلية بينهم.
صحافة الذكاء الاصطناعي روبوت ايربكا
“إيريكا” مذيعة أخبار روبوت | Image source: CTVnews

عيوب صحافة الذكاء الاصطناعي

على الرغم من توفر الكثير من المزايا لصحافة الذكاء الاصطناعي لكن هذا لا يمنع من وجود بعض العيوب وهي:

  1. لا يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي شرح مخارج الحروف وهذا يعني قلة في الوعي الذاتي.
  2. لا يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي التمييز بين المدخلات إذا كانت دقيقة أو غير دقيقة.
  3. لا يمكن مساءلة الذكاء الاصطناعي قانونيًا، لذلك يجب أن يتم ضمان المساءلة البشرية للشركات المسؤولة في جميع مراحل صناعة المحتوى.
  4. لا يمكن لأنظمة صحافة الذكاء الاصطناعي أن تمتلك المهارات التي يمتلكها الأنسان كالتكيف والذكاء والفكاهة. لأن الكاتب أو الصحفي يستخدم الإبداع أثناء سرد حادثة معينة وبالتالي يقوم بتحويلها إلى مقالة، على العكس من الروبوتات فهي تسرد مقالة كاملة حسب البيانات المتوفرة فقط.

إن الابتكار التكنولوجي القادم مع الذكاء الاصطناعي لا يختلف عن السابق أي أن نجاحه يعتمد اعتمادًا كبيرًا على الكيفية والإمكانية للصحفيين والإعلاميين والصحافة بشكل عام في تطبيق الأدوات الجديدة في العصر الجديد.

تأثير صحافة الذكاء الاصطناعي في الإعلام

أن للذكاء الاصطناعي تأثير كبير على الصحافة والإعلام، فأن صحافة الذكاء الاصطناعي مبتكرة وحديثة حيث أنها تمثل أمرًا حقيقيًا إذ تم استخدامها فعليًا في عديد من المؤسسات الإخبارية في العالم.

في عام 2017 استخدم صحفيو وكالة أسوشيتد برس أنظمة الذكاء الاصطناعي لكتابة قصص حول تقارير أرباح شركات الربع سنوية ووصل عددها لأكثر من 2400 قصة. وأن استخدام وكالة أسوشيتدبرس لأنظمة الذكاء الاصطناعي يشكل خطوة مهمة لتقديم الصحافة كما نعرفها جميعًا.

صحافة الذكاء الاصطناعي تساعد على جعل عملية نقل الأخبار أكثر سرعة وسهولة للصحفيين بدلًا من قضاء الصحفيين ساعات طويلة للبحث عن المعلومات.

صحافة الذكاء الاصطناعي ليست ذات فائدة للصحافة والأعلام فقط، أنها ذات كلفة قليلة حيث يمكن للخوارزميات القيام بعملية مراجعة لكميات كبيرة وكثيرة من البيانات بسرعة وأيضًا إمكانية العثور على المعلومات الأكثر صلة وهذا يتيح للصحفيين كتابة العديد من القصص وبوقت أقل.

إن صحافة الذكاء الاصطناعي أصبحت اليوم ثورة إعلامية جديدة متوافقة تمامًا مع التقنيات الحديثة للثورة الصناعية الرابعة، تلك التقنيات التي يتم استخدامها في جوانب الحياة وتعد وسائل الإعلام والصحافة جانبًا أساسيًا منها.

منذُ عام 2012، بدأ دور الذكاء الاصطناعي يتزايد بشكل ملحوظ في مجال الصحافة والإعلام، حيث تم استعمال صحافة الروبوت والتي بدورها تعتمد على الروبوتات الذكية في صناعة وإنشاء المحتوى من خلال العديد من المنصات الرقمية مثل فيسبوك، وإنستغرام، وغيرها. وازدادت أهمية الذكاء الاصطناعي في تحرير الإعلاميين والصحفيين من بذل الكثير من الجهود لأداء المهام اليومية.

مع هذا فإن صحافة الذكاء الاصطناعي ثورة جديدة حيث لا قيود تضعها الحكومات للوصول إلى المعلومات أو محاسبة قانونية، أيضًا لابد من الإشارة إلى أن هناك دراسات تشير لظهور حقبة جديدة من الاتجاه الصحفي والإعلامي تعرف بصحافة الجيل السابع G7 Journalism، وهذه يتوقع ظهورها في عام 2040، مع اختفاء للإعلام التقليدي الحالي والعوض عنه بالمراكز المعلوماتية التي طغت على العالم

أيضًا في المستقبل القريب فأن الصحافة ستكون قائمة على الخوارزمية حيث تكون البيانات فيها متاحة بكل سهولة وتحليلها يكون سريعًا. إن التقارير السياسية عانت ما عانت من نقص في البيانات ولسنوات، لكن الآن وفي وقتنا الحاضر يمكن تفادي هذه المشكلة من خلال متابعة بعض المصادر يتزود بها الصحفيون لمعرفة أقوال العامة من الناس حول المرشحين. وسيكون التغيير مستقبلًا أكثر وضوحًا من خلال التحول الحاصل في نظام الأخبار حاليًا.

▪ الخلاصة

أن للذكاء الاصطناعي تأثيره الكبير على الإعلام والصحافة إذ أن صحافة الذكاء الاصطناعي بدأت تواكب الرقمنة التي تشمل كل نواحي الحياة.
وبهذا فإن صحافة الذكاء الاصطناعي في تنامي كبير في عالم الصحافة والأعلام إذ أنها أدت إلى أحداث تغيير جذري ليس في عالم الأعلام فقط أنما عند القارئ أيضًا.

Similar Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *