إعادة تدوير البطاريات لمواجهة أزمة النفايات الالكترونية | نهاية بطاريات الليثيوم أيون

|

بسبب تزايد القلق بشأن تأثيرات تغير المناخ، دعا العديد من الخبراء إلى زيادة استخدام الكهرباء كبديل للوقود الحفري (الوقود المستخرج من الآبار). الاستخدام المتزايد إلى السيارات الكهربائية والهواتف التي تعمل بالبطاريات والساعات وأجهزة الكمبيوتر المحمولة والأجهزة القابلة للارتداء وغيرها من التقنيات الاستهلاكية، تجعلنا نتساءل: ماذا سيحدث لجميع هذه البطاريات بمجرد أن تبلى وتنتهي؟ ماذا يحصل إلى النفايات الالكترونية؟

إعادة تدوير البطاريات لمواجهة أزمة النفايات الالكترونية | نهاية بطاريات الليثيوم أيون

على الرغم من الاستخدام المتزايد للبطاريات الرخيصة التي تتميز بالقوة والأكثر كثافة للطاقة، إلا أن المصنعون لم يعطوا اهتمامًا فعليا لجعل هذه البطاريات أكثر استدامة.  مثلاً، في الولايات المتحدة يتم إعادة تدوير حوالي 5٪ فقط من بطاريات الليثيوم أيون (وهي التكنولوجيا المفضلة للسيارات الكهربائية والعديد من المنتجات الأخرى عالية التقنية) في الواقع. مع استمرار نمو مبيعات السيارات الكهربائية والأدوات التقنية، فليس من الواضح بكيفية التعامل مع النفايات الالكترونية الخطرة للبطاريات أو كيفية القيام بذلك. 

المهندسين الذين يعملون على تصميم مواد متقدمة، بما في ذلك البطاريات، فمن الضروري التفكير في قضايا التدوير لمكافحة أزمة النفايات الالكترونية. الجهات المسؤولة عن تصنيع البطاريات يجب يفكروا بجد في عمليات تصنيع يمكن إعادة تدويرها، والتي تلبي المعايير الاستهلاكية والبيئية على حد سواء إلى تقليل احتمالية حدوث أزمة النفايات الالكترونية (نفايات البطاريات) في العقد القادم.

محتويات خطيرة في النفايات الالكترونية

 تشكل البطاريات تحديات أكثر تعقيدًا من المعادن والبلاستيك والمنتجات الورقية لأنها تحتوي على العديد من المكونات الكيميائية السامة التي يصعب فصلها.

 يوجد في بعض أنواع البطاريات المستخدمة بالخصوص بطاريات الرصاص الحمضية في السيارات التي تعمل بالبنزين على مواد كيميائية وتصميم هندسي بسيط نسبيًا تجعلها قابلة لإعادة التدوير بسهولة. أما البطاريات القلوية الشائعة غير القابلة لإعادة الشحن أو البطاريات المائية التي تتوفر في كثير من الأجهزة مثل المصابيح الكهربائية وأجهزة الإنذار المتحسسة إلى الدخان يمكن التخلص منها في مدافن النفايات.

ومع ذلك، فإن بطاريات الليثيوم أيون المستخدمة في وقتنا الحالي متطورة ومعقدة التصميم وليست مصممة لإعادة التدوير فتولد النفايات الالكترونية. فهي تحتوي على مواد كيميائية خطرة، مثل المعادن الانتقالية وأملاح الليثيوم السامة، التي يمكن أن تسبب الضرر بالبيئة لا سيما إذا تسربت إلى مصادر المياه.

يوجد أيضًا في بطاريات الليثيوم أيون المستخدمة طاقة كهروكيميائية مدمجة (مقدار صغير من الشحنة والتي لم تعد كافية لتشغيل الأجهزة)، التي يمكن أن تسبب انفجارات أو حرائق، أو قد تضر الأشخاص الذين يتعاملون معها.

علاوة على ذلك، فإن الشركات المصنعة للبطاريات لديها حافز اقتصادي ضعيف لتعديل البروتوكولات الحالية لتضمين تصميمات مناسبة من أجل إعادة تدوير النفايات الالكترونية. في وقتنا الحالي تكلف عملية إعادة تدوير بطارية ليثيوم أيون أكثر من قيمة المواد المستردة من إعادة التدوير.

 ونتيجة لذلك، تقع مسؤولية التعامل مع نفايات البطاريات في كثير من الأحيان على بعض الجهات المسؤولة عن إعادة التدوير التابعة لجهات خارجية أخرى (وهي الشركات المختصة التي تجني الأموال من جمع ومعالجة المواد القابلة لإعادة التدوير). وفي الغالب يكون تكلفة تخزين البطاريات أرخص بالنسبة لهم من إعادة تدويرها ومعالجتها.

 أصبحت تقنيات إعادة تدوير النفايات الالكترونية التي يمكنها تجزئة البطاريات، مثل الحرق واستخلاص المعادن بالحرارة، أو استخراج المعادن بالماء، أو ترشيح الأحماض، أكثر كفاءة واقتصادية.  لكن لا زالت تفتقر بشكل كبير إلى البنية التحتية المناسبة لإعادة تدوير بطاريات الليثيوم أيون؛ حيث يتطلب إنشاء حواجز على طول سلسلة التزويد والإنتاج بالكامل.

على سبيل المثال، يتم نقل البطاريات المستعملة إلى مسافات طويلة لموقع مراكز إعادة التدوير بواسطة الشاحنات.  يجب تعبئة بطاريات الليثيوم أيون وشحنها وفقًا للوائح المواد الخطرة التي نشرها مختبر أرغون (Argonne National Laboratory)، لكن هذا المطلب جعل من تكلفة نقل البطاريات تزداد أكثر من 50 ضعف تقريبا من تكلفة الشحن العادي.

اقرأ ايضا: بطاريات ايون الليثيوم وبطاريات الكرافين والفرق بينهم

بطاريات الحالة الصلبة أكثر أمانًا وبساطة

 بما أنه من الصعب تحويل قابلية إعادة التدوير إلى التصنيع الحالي لبطاريات الليثيوم أيون التقليدية ومساهمتها في زيادة النفايات الالكترونية، أصبح من الأهمية الاتجاه إلى تطوير بطاريات الحالة الصلبة، وهي تقنية جديدة ممتازة من الجيل القادم، ومن المتوقع أن تبدأ تصبح جاهزة إلى الاستخدام خلال هذا العقد.

 بطارية الحالة الصلبة ستستبدل الإلكتروليت السائل العضوي السريع الاشتعال في بطاريات الليثيوم أيون بمحلول إلكتروليت صلب غير عضوي وغير قابل للاشتعال. وهذا سيسمح للبطارية بالعمل في نطاق درجة حرارة أوسع بكثير ويقلل من خطورة الحرائق أو الانفجارات. 

نظرياً، يجب أن تكون البطاريات المناسبة لإعادة التدوير آمنة عند التعامل معها ونقلها، وسهلة التفكيك، ومحفزة إلى الجانب الاقتصادي من حيث التكلفة والتصنيع، وأقل ضررًا بالبيئة. بعد تحليل هذه المتطلبات تم اختيار مجموعة من المواد الكيميائية لتكون في الجيل التالي من بطاريات الحالة الصلبة بالكامل لكي تكون قادرة على تلبية هذه المتطلبات.

إعادة تدوير البطاريات لمواجهة أزمة تراكم النفايات الإلكترونية | نهاية بطاريات الليثيوم ايون

 

 تقلل الإستراتيجية المستخدمة في الجيل القادم من عدد الخطوات المطلوبة لتفكيك البطارية ومكافحة النفايات الالكترونية، وتجنب استخدام الاحتراق أو المواد الكيميائية الضارة مثل الأحماض أو المذيبات العضوية السامة.  بدلاً من ذلك، تستخدم فقط مواد آمنة ومنخفضة التكلفة مثل تقنيات إعادة التدوير المعتمدة على الكحول والمياه.  مما يجعلها قابلة للتطوير وصديقة إلى البيئة. الجيل القادم سيكون بتصميم مبسط مما يجعله سهل بشكل كبير في إعادة تدوير البطاريات التقليدية وبتكلفة قليلة وآمنة عند التفكيك والتعامل معها.

مقارنةً بعمليات إعادة تدوير بطاريات الليثيوم أيون، تعد إعادة تدوير بطاريات الحالة الصلبة أكثر أمانًا في جوهرها لأنها مصنوعة كلياً من مكونات غير قابلة للاشتعال. بالإضافة إلى ذلك، يمكن إعادة تدوير البطارية بالكامل دون الحاجة إلى فصلها لمكوناتها الفردية.  هذه الميزة تقلل بشكل كبير من تعقيد وقيمة تكلفة إعادة تدويرها. لكن يعود الأمر في النهاية إلى الشركات الخاصة والمؤسسات العامة، مثل مرافق النفايات والمختبرات الوطنية التي تديرها الدولة، لتطبيق مبادئ إعادة التدوير هذه على نطاق الصناعي.

قواعد إعادة تدوير البطاريات

تظهر العديد من التحديات المرتبطة بإعادة تدوير البطاريات من الخدمات اللوجستية المعقدة في التعامل معها.  تكوين مرافق ولوائح إلى جمع البطاريات ليس اقل أهمية من تطوير تقنيات إعادة تدوير أفضل وأكثر أماناً. تعمل العديد من الدول مثل الصين وكوريا الجنوبية والاتحاد الأوروبي على تطوير أنظمة وتفويضات لعمليات إعادة تدوير البطاريات.

 إحدى الخطوات المفيدة هي أن تطلب الجهات الرقابية بأن تحمل البطاريات علامات عالمية، على غرار الملصقات التي تستخدم في إعادة تدوير البلاستيك والمعادن المصنعة وفق المعاير المعترف بها دوليا. مما قد تساعد هذه الحركة في تثقيف مجتمع المستهلكين، والجهات المسؤولة عن جمع النفايات حول كيفية التعامل مع كل الأنواع المختلفة من البطاريات المستعملة.

 يمكن أن تكون العلامات على شكل علامة إلكترونية مطبوعة على ملصقات البطارية التي تتضمن بعض المعلومات، مثل الشركة المصنعة ونوع الكيمياء والعمر. سيكون توفير مثل هذه البيانات من شأنه تسهيل عمليات الفرز الآلي لكميات كبيرة من البطاريات في مراكز النفايات الإلكترونية.

عادة لا تنشأ نفايات البطاريات في مواقع إنتاجها الأصلية، مما يجعل هناك صعوبة في تحميل الشركات المصنعة مسؤولية التعامل معها.

تنفيذ مثل هذه المتطلبات لجعل البطاريات قابلة للتدوير تحتاج إلى العمل معاً من المصنعين والوكالات التنظيمية لتنفيذ تصميمات صديقة لإعادة التدوير وبنية تحتية أفضل للتجميع.

عند مواجهة هذه التحديات الآن، عندها سيكون من الممكن تجنب أو على الأقل خفض الآثار الضارة لنفايات البطاريات وتقليل أزمة النفايات الالكترونية في المستقبل.

المصدر:

Similar Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *