أضرار الهواتف الذكية على الصحة – شائعات أم حقيقة؟

يختلف رأي الناس في أضرار الهواتف الذكية على الصحة، فمنهم من يراه العدو الأكبر لصحة الإنسان، ومنهم من يراه جهازاً ليس له أي ضرر. في الحديث عن مضار الهاتف المحمول أو أيّاً من الأجهزة الإلكترونية، يجب الرجوع إلى مصادر علمية ودلائل مثبتة وعدم التكهن ونشر الشائعات. لا ننسى أيضاً في بعض الأحيان تكون مخاطر الهاتف المحمول متمثلة بسوء الاستخدام.

أضرار الهواتف الذكية على الصحة شائعات أم حقيقة

على أي حال، فقد تم إجراء دراسات وتجارب في هذا الصدد وما سيأتي آنفاً في المقال هو ملخص للشائعات والدراسات العلمية بشأن أضرار الهواتف الذكية على الصحة، والنصائح المفيدة لمستخدمي الهواتف الذكية أو الأجهزة الإلكترونية.

شائعات في أضرار الهواتف الذكية على الصحة

  • الهواتف الذكية ستسبب العمى مستقبلاً: هذه شائعة مشهورة جداً بين أوساط الأهل وذلك لكثرة جلوس الأطفال على الهواتف الذكية، لكن الحقيقة هي أنه لا توجد أي تجربة تثبت هذا الادعاء.
  • وجود الشبكات اللاسلكية والهواتف الذكية يسبب الصداع: يعتقد البعض أن الأشعة الأثيرية المنبعثة من شرائح الاتصال والبلوتوث تسبب الصداع لتداخل موجاتها مع موجات المخ، لكن هذا غير مثبت علمياً فالموجات 3G و 4G و 5G و Bluetooth جميعها ذات طول موجي كبير فلا تصطدم بجزيئات الجسم ولا الجدران بل تمر من خلالها.
  • الهواتف المحمولة تسبب أضراراً للأوعية الدموية لأن الإشعاعات المنبعثة تؤثر على كريات الدم الحمراء، إن هذه الشائعة أبعد ما يكون عن الواقع.
  • الهواتف المحمولة تسبب العقم لدى النساء وتؤثر على صحة الجنين، لا تأثيرات صحية للهواتف المحمولة على ذلك وليس هناك أي دراسة طبية تثبت ذلك.
  • الهواتف الذكية تسبب فقدان السمع، وينتج عن تأثير الموجات الكهرومغناطيسية المنبعثة التي تؤثر على الأذن الداخلية.
  • الهواتف المحمولة تسبب السرطان.
  • الهواتف المحمولة تتسبب بحوادث سير، وهذا حسب إحصائية قامت بها دائرة المرور العامة الأمريكية حيث وجدت أن نسبة كبيرة من حوادث السير ناتجة عن استعمال الهاتف المحمول. لكن هذه المشكلة تُعزى لسوء استخدام الهاتف وليس الهاتف بحد ذاته.
  • الهواتف المحمولة تسبب زيادة المصاريف، ذلك لأن المستخدم مضطر لدفع رسوم الإنترنت وخدمات SIM card وهذا يعتمد على الاستخدام.
  • الهواتف تسبب آلام المفاصل، هناك العديد من الناس الذين يستعملون الهواتف بشكل غير صحيح مما يؤدي إلى مشاكل في الرقبة تتمثل بآلام العضلات والتشنج وتحدب الفقرات العنقية. يعزى سبب هذه المشاكل إلى الاستعمال الخاطئ للهاتف، حيث يوجد نصائح لاستعمال الهاتف بشكل صحيح سيتم التطرق لها في نهاية المقال.

دراسات علمية في أضرار الهواتف الذكية على الصحة

بعد التركيز على أشهر الشائعات في مضار الهواتف الذكية سنتحدث عن الدراسات العلمية والتجارب المثبتة في أضرار الهواتف الذكية على الصحة.

دراسات وتجارب على الجسم البشري

نُشِرت العديد من النظريات من قبل علماء بارزين تنص على أن الهواتف الذكية يسبب أنواع معينة من السرطان، وكانت الحجة هي الموجات الكهرومغناطيسية التي تصدر من شبكات الهاتف المحمول، وتسبب خللاً في DNA الخلية ويقود هذا إلى التسبب في السرطان. أحد أبرز هذه النظريات كانت للدكتورة ماريا إغاناتيفا، أخصائية طب الأعصاب، حيث صرّحت أن الإشعاع اللاسلكي المنبعث من الهواتف النقالة وأجهزة البث الأثيري تمتصها أنسجة الجسم وهذا يؤدي إلى أمراض مثل السرطان، والعقم، واضطرابات عصبية ونفسية.

أضرار الهواتف الذكية على الصحة شائعات أم حقيقة

أدت هذه النظريات في أضرار الهواتف الذكية على الصحة إلى بحث وتقصي الباحثين في صحتها وأُجريت لذلك العديد من الدراسات كان أبرزها ثلاث دراسات استقصائية كبيرة إحداها كان على مليون امرأة، ودراسة دنماركية جمعت 358,000 من مستخدمي الهواتف. كان الهدف من هذه الدراسات معرفة ما إن كان هنالك صلة بين استعمال الهاتف الجوال وأمراض السرطان.

طريقة الدراسة: تم جمع مجموعة من الناس غير مصابين بالسرطان الذين يستعملون الهاتف مع مجموعة لا تستعمل الهاتف أو تستعمله نادراً، وتم ضم مجموعة من المصابين بالسرطان أيضاً، تمت مراقبة نشاط الأشخاص عن طريق معرفة ساعات استعمالهم للهواتف وعدد المرات التي يستعملون المكالمات فيها وكم من الوقت يقضون في المكالمة (ذلك كون الهاتف يكون قريباً على الدماغ).

نتيجة الدراسة: إن جسم الإنسان لا يمتص الأشعة الصادرة من الهواتف الذكية، حيث أن الأشعة الصادرة من الهواتف تُعد دون النطاق التأيني للأشعة*، حيث إن ترددات الشبكات (2G, 3G, 4G) هي ما بين (0.7-2.7) GHz من النطاق الترددي وأن شبكات الجيل الخامس 5G تصل حتى تردد 80GHz في أجهزة الجيل الخامس.

لوحظ من خلال هذه الدراسات عدم وجود صلة سببية علمية بين استخدام الهاتف المحمول والسرطان. غير وجود صلة إحصائية.

إن الدراسات العلمية أثبتت أن التأثير الوحيد للموجات الكهرومغناطيسية هو رفع حرارة الجسم وهذا ما تلاحظه عند وضع الهاتف على أذنك أو تحمله في يدك، وهو تأثير صغير جداً لا يصل لدرجة كونه سلبياً.

مخاطر أخرى في الصدد العلمي: لوحظ من الدراسات أن للون الأزرق المنبعث من شاشة الهواتف الذكية تأثير على الدماغ فهو يسبب ما يُسمى بالتراكم العصبي، وينتج عن ذلك عدم القدرة على النوم. أحد التأثيرات الصحية الأخرى تتمثل بتأثير اللون الأزرق على التركيز أثناء القراءة على الهاتف أو أي جهاز لوحي.

دراسات وتجارب على الحيوانات

دراسات تم إجرائها على الحيوانات لإثبات وجود علاقة بين السرطان والأشعة الصادرة من الهواتف الذكية.

في دراسات مبكرة أُجريت على الحيوانات لم يُلحظ أي تأثير على حيوانات المختبر. لكن بسبب كون النتائج غير متناسقة أو دقيقة تم إجراء دراسة أخرى ضخمة لمعرفة إن كان يوجد علاقة حقيقية بين السرطان، والأشعة اللاسلكية.

تم وضع القوارض في أقفاص وتم تعريضهم لأشعة بنطاق 3G لكامل الجسم بمقدار من 3 إلى 9 واط لكل كيلوغرام من وزن الجسم، ولمدة تصل إلى 18 ساعة يومياً لمدة أسبوع. لوحظ نتيجة هذه الدراسة وجود عدد صغير من الخلايا السرطانية وفرط تنسج (زيادة عدد الخلايا) في القلب لدى ذكور الجرذان فقط، ولم تتم ملاحظة ذلك في الإناث أو الفئران بكلا الجنسين.

في دراسة أخرى تم إجرائها توصل الباحثين إلى أن الفئران ذات أعلى مستوى تعرض للأشعة، ووجود زيادة في نسبة الإصابة بأورام القلب في بعض ذكور الجرذان، ونمو خلايا غير خبيثة في ذكور وإناث الجرذان. كلتا الدراستين تُثير تساؤلاً حول النتائج، وما مدى علاقتها بالإنسان، وما إذا كان بالإمكان الاعتماد على هذه النتائج بالنسبة للإنسان.

نصائح لتجنب أضرار الهواتف الذكية على الصحة

هنالك نصائح يوصي بها المعهد الطبي الوطني الأمريكي لتجنب أضرار الهواتف الذكية على الصحة

  • استخدام الهاتف الجوال بعدد ساعات قليل ومنتظم وبالخصوص عند الأطفال.
  • عدم استخدام الهاتف أثناء القيادة أو القيام بالأعمال.
  • استعمال السماعات السلكية أو اللاسلكية لأن هذا يجعل الهاتف بعيداً عن الرأس.
  • عدم التحديق في الشاشات لساعات طويلة.
  • إمساك الهاتف بوضعية صحيحة، وعدم إحناء الرأس للأمام فهذا يسبب ضغطاً مضاعفاً على الفقرات العنقية.
  • ترك الهاتف بعيداً قبل النوم بساعة ليتسنى للدماغ الدخول في وضعية النوم وإفراز الميلاتونين* المسؤول عن النوم.
  • استعمال خاصية Eye comfort أو حماية العين في الهواتف، عند القراءة أو استخدام الهاتف بشكل مطول للمساعدة في الحفاظ على التركيز، والراحة للعين.

الهاتف مجرد أداة غير ضارة مسخرة بيد الإنسان، يُمكن أن يكون أداة ضارة في حال سوء الاستخدام.


* النطاق التأيني للأشعة الكهرومغناطيسية: هو النطاق الذي تؤثر فيه الأشعة الكهرومغناطيسية على الجسم، وتؤدي إلى تحطيم الأنسجة، والحمض النووي DNA مثل، الأشعة السينية X-ray، والأشعة المنبعثة من الرادون، والأشعة فوق البنفسجية، والأشعة الكونية.

*الميلاتونين: Melatonin هو هرمون تفرزه الغدة الصنوبرية، وهو مسؤول عن تنظيم الإيقاع البيولوجي لجسم الإنسان.


مصدر1 ، مصدر2 ، مصدر3 ، مصدر4

Similar Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *