ما هو الديب فيك “التزييف العميق” Deepfake 2022

التزييف العميق أو كما يطلق عليه البعض “ديب فيك”، بالإنجليزية Deepfake أو Deepfakes (لفظ منحوت من deep learning and fake). هو تقنية تقوم بتحويل صورة شخص، أو فيديو إلى شكل شخص آخر من خلال تقنيات الذكاء الصناعي، والعديد من الأدوات البرمجية المساعدة.

ما هو الديب فيك أو التزييف العميق
التزييف العميق – Deepfake

إن التزييف العميق لم يكُن أبداً تقنية جديدة، بل على العكس فقد بدأت ملامح هذه التقنية تبدأ بالظهور في عام 1997 عندما تم استغلال تقنية ديب فيك في تحريف كلام شخص خلال مقطع فيديو ليظهر على أنه يقول غير الكلام الذي قاله أثناء الفيديو. سيتم التوسع بكل شأن يخص تقنية التزييف العميق خلال هذا المقال.

ما هو التزييف العميق DeepFake؟

هل شاهدت فيديو في أحد الأيام للرئيس الروسي بوتين يغني، أو دونالد ترامب، وأوباما يرقصان، أو مارك زوكربيرغ يقول إنه سيغزو العالم عن طريق فيسبوك؟ في هذه الحالة فأنت قد شهدت على تقنية الديب فيك. تقوم تقنية الديب فيك على أساس الذكاء الاصطناعي، وتجميع العديد من المقاطع المصورة، أو الصوتية لخلق مادة مزيفة يتم استعمالها بأشكال عديدة.

ما هي استخدامات التزييف العميق؟

إن واقع الحال ينطق بأن أغلب استعمالها لا أخلاقي، بيد أنَّ التزييف العميق تم استعماله بالعديد من الصور. يشيع استعماله في صناعة فيديوهات مضحكة للمشاهير، أو رؤساء الدول، والتعديل على أشكالهم، وأصواتهم مثلما قام أحد الناس بالقيام بفيديوهات من التزييف العميق على الممثل المشهور توم كروز عبر منصة التيكتوك. يتُم استعمال ديب فيك أيضاً في صناعة أعمال فنية كبيرة وفي صناعة الأفلام أيضاً، لكن هذا الجزء كان قليلاً. في النهاية لم يكن لتكنلوجيا الديب فيك ذلك الاستعمال الحقيقي سوى في حالات غير جادة أو غير صائبة مثل:

خلال المسار السياسي:

كما حصل في 2018 عندما شاع مقطع فيديو للرئيس الأرجنتيني موريسيو ماكري عندما تم استبدال وجهه بوجه أدلوف هتلر من خلال تقنية ديب فيك، وأيضاً استبدال وجه أنجيلا ميركل مع دونالد ترامب.

العبث بصور المشاهير:

كما حصل مع الممثل توم كروز حيث يوجد حساب تيكتوك كامل مخصص لنشر فيديوهات ديب فيك لتوم كروز وقد تجاوز ثلاثة ملايين متابع.

Deepfake
حساب على التيكتوك لنشر فيديوهات ديب فيك

كما وقد نُشر فيديو لمارك زوكربرغ على الانستغرام بتقنية الديب فيك نشره الفنان بيل بوسترز؛ كرد اعتبار لعدم حذف فيديو المتحدثة عن البيت الأبيض نانسي بيلوسي، في عام 2019 تم نشر الفيديو، حيث ظهر المؤسس لموقع فيسبوك مارك زوكربرغ يتحدث عن كيف أنَّ منصة فيسبوك تملك مستخدميها وتتحكم بما يقومون بنشره، وقد كان يُتوَقَّع من فيسبوك اتباع إجراء خاص بشأنه بما أنه فيديو يشوه صورة مؤسس الفيسبوك، لكن فيسبوك صرح بأنه سيتعامل مع الفيديو مثل أي فيديو من هذا النوع على المنصة، حيث لو تنبأت تقنية الطرف الثالث للتعرف على المحتوى الوهمي على الفيديو، فسيتُم تصفيته. لكنّ الناشر قام بتأشير الفيديو بهاشتاغ #deepfake و #deepfakes لكي لا تتم معاملة الفيديو كمحتوى زائف وحذفه.

صناعة المحتوى المضحك:

لربما رأينا الكثير من هذا النوع في كل مكان على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يقوم الناس بتعديل فيديوهات باستعمال تقنية التزييف العميق على وجوههم لجعلهم يظهرون بجسد أحد المشاهير، أو حتى الحيوانات، أو فضائيين، وغير ذلك. يتم استعمال تقنيات بسيطة هنا من برنامج ذكاء اصطناعي، أو تطبيق أو مجموعة من التطبيقات على الهاتف الجوال لا ترقى إلى مستوى التكنولوجيا في فيديوهات الديب فيك المصممة بواسطة برامج ضخمة، ومكاتب خوارزمية هائلة تعمل على حواسيب خارقة.

الابتزاز الإلكتروني:

يقوم الكثير من ضعاف النفوس باستعمال أدوات التزييف العميق بطرق غير شرعية، وغير صائبة. حيث يقوم البعض بالتعديل على فيديوهات، أو صور لأشخاص عاديين، أو مشاهير عن طريق جعلهم يقولون شيء لم يقولوه، أو يفعلون شيئاً لم يفعلوه؛ لغرض ابتزازهم والحصول على مبالغ مالية مقابل ذلك، أو جعلهم يفعلون شيئاً بالإكراه. إن هذا السلوك كما وغيره من السلوكيات التي تَنِم عن سوء الاستخدام لتقنية Deepfake تُعتبر غير قانونية، ويقوم القانون بالمحاسبة عليها.

التقنيات المستعملة في التزييف العميق

يعتمد التزييف العميق بشكل أساسي على نوع من الشبكات العصبية الاصطناعية ANNs تدعى جهاز التشفير التلقائي. تتكون هذه الأخرى من جهاز تشفير يقوم بتقليل مساحة الصورة إلى مساحة كامنة ذات بُعد أقل، وجهاز فك التشفير، الذي يقوم بإعادة هيكلة الصورة من التمثيل الكامن لها. تقوم تقنية التزييف العميق باستعمال هذه البُنية التقنية عبر برنامج تشفير عالمي يقوم بتشفير الأشخاص إلى الفضاء الكامن عبر الشبكات العصبية. يحتوي التمثيل الكامن على كل المعلومات مثل ملامح الوجوه، ووضعية الجسم. يتم بعد ذلك فك التشفير باستخدام نموذج تم تصميمه، وتدريبه خصوصاً للهدف المراد إعادة صنعه. أي أنَّ المعلومات المُفصّلة للهدف سيتم وضعها على ملامح الوجه والجسم الأساسية للفيديو الأصلي بشكل يجعلهما متصلتين واحدة فوق الأخرى، وممثلتان في المساحة الكامنة.

الديب فيك لتبديل الوجوه
تبديل الوجوه بتقنية الديب فيك

بعبارة مبسطة من الشرح المُجرّد، فإننا نقوم بجمع آلاف الصور ثم نقوم بإرفاقها بالمُشفّر encoder، يقوم المشفّر بتحليل الصور وربط نقاط التشابه لخلق صلة بين الوجهين، ومن ثم يأتي دور وحدة فك التشفير decoder لفك الضغط وإعادة مزج المعلومات.

لخلق فيديو مزيف (fake) يجب أن يكون هنالك وحدتين لفك التشفير، لنفرض أن لدينا وجهان “أ” و”ب”. تكون أحد وحدات فك التشفير مدربة لفك تشفير الوجه أ، أما الثانية مدربة لفك تشفير الوجه ب. لإجراء التبديل بين الوجهين نقوم ببساطة بتغذية وحدة فك التشفير المدربة لفك تشفير الوجه أ ببيانات الوجه ب. فتقوم وحدة فك التشفير ببناء الوجه ب بحركات وتعابير الوجه أ للحصول على الفيديو المزيف.

هل يقتصر التزييف العميق على الفيديوهات فقط؟

لا. ببساطة إنَّ التزييف العميق أعمق بكثير من مجردة فكرة إنشاء فيديو مزيف او تبديل الوجوه. إنَّ تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في deepfake متطورة لدرجة خلق كيان رقمي مزيف بالكامِل، وإنشاء فيديوهات، وصور، وأصوات مزيفة أيضاً.

أصبح بالإمكان تزييف الصوت أيضاً باستعمال تقنية الديب فيك حيث يوجد فلاتر صوتية، وتطبيقات تقليد الأصوات. كما حصل في حادثة في إحدى الشركات الألمانية حيث قام أحد النصابين بالاتصال على رئيس فرع تابع لشركة ألمانية للطاقة، وقام بتقليد صوت الرئيس التنفيذي للشركة وجعله يقوم بتحويل 200,000$ إلى بنك هنغاري. لقد قام النصاب بخداع المسؤول عن طريق استعمال تقنية الديب فيك في صناعة نبرة الصوت المطابقة، وبمساعدة ممثل صوتي يجيد تقليد النبرة الصوتية كان بإمكانه سرقة الأموال من الشركة.

الكشف عن ديب فيك – Deepfake

مع تقدم التقنية صار اكتشاف محتوى تقنية ديب فيك أصعب فأصعب. فالعديد من التقنيات تستمر بالتطور. إن ما تم شرحه عن كيفية صناعة فيديو خلال تقنية ديب فيك لم يكن سوى المبدأ الأساسي لهذه التقنية. لكن، ومع تقدم التكنولوجيا، صار الذكاء الصناعي أكثر فعالية في تزييف الملامح، والأصوات، والصور.

في عام 2018 اكتشف الباحثون أنَّ العيون لا تستطيع أن ترمش بشكل صحيح في الفيديوهات المصنوعة من خلال التزييف العميق، لكن بعد نشر هذا الخبر وبفترة قصيرة تم نشر فيديوهات تزييف عميق وُجِدتْ فيها وجوهاً ترمش، وبشكل طبيعي مثل العين البشرية العادية.

الكشف عن الديب فيك
محاولات لكشف Deep fake

تسعى العديد من الأبحاث الأكاديمية في تقنية الديب فيك إلى اكتشاف مقاطع الفيديو المزيفة، وأنَّ الأسلوب الأكثر شيوعاً في اكتشاف فيديوهات التزييف العميق هو استخدام نفس التقنيات المتبعة في بنائها. من خلال معرفة الأنماط المتبعة في إنشاء مقاطع ديب فيك، تستطيع الخوارزميات التقاط التناقضات الدقيقة خلال المقطع، واكتشافها. حيث طور الباحثون التقنية لتقوم باكتشاف الأخطاء في ديب فيك مثل أنماط الإضاءة غير المتجانسة، والأخطاء الحركية.

إنَّ هذه الخوارزميات المستعملة في الكشف عن المحتوى المزيف تتحسن مع الوقت، وكذلك الأمر بالنسبة لتكنولوجيا التزييف العميق ذات نفسها. تأمل الشركات الرائدة في مجال التكنولوجيا إيجاد حلول أفضل، وأكثر فعالية في الكشف عن المحتوى المزيف من خلال تحدي Deepfake detection الذي تستضيفه وتقوم بتمويله أكبر الشركات مثل Microsoft, Amazon, Facebook.

الآن، تُستخدم تقنيات عديدة مثلاً Blockchain للتحقق من مصدر الفيديوهات، والصور. باستخدام هذه التقنية يتم التحقق من المصدر الأساسي، وعدم الموافقة على نشر أي ملف إلّا من خلال المصادر المُوثّقة فقط، وهذا سيقلل من انتشار مقاطع deepfakes الضارة على منصات الإنترنت.

أيضاً تم اقتراح طرق أخرى مثل التوقيع الرقمي لجميع مقاطع الفيديو، والصور التي يتم التقاطها بواسطة الكاميرات، وكاميرات الفيديو، وكاميرات الهواتف الذكية. يساعد ذلك على تتبُّع الوسائط إلى المالك الأصلي، ويساعد ذلك بالوصول إلى المُزيِّفين، والتخلص من المحتوى المزيف الذي تم اعداده بتقنيات الذكاء الاصطناعي Deep fake.

مصدر1 ، مصدر2

Similar Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

One Comment